سورة الشعراء - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


باخع نفسك: مهلكها من شدة الحزن. اعناقهم: رقابهم، والمراد بها هنا الجماعات، من ذِكر: من موعظة. من كل زوج: من كل صنف.
طسم: تقرأ هكذا طا. سين. ميم. وتقدم الكلام على هذه الحروف، وهي لبيان ان القرآن المعجِز للبشر رُكبت كلماته منها ومن أخواتها، فمن ارتاب في ان هذا القرآن من عند الله فليأتِ بمثله، ولن يستطيع.
{تِلْكَ آيَاتُ الكتاب المبين}
ان هذا الكلام الذي أوحيتُ به اليك يا محمد هو آياتُ القرآن البيّن الواضح الذي يفصل بين الحق والباطل.
{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ}
لعلّك أيها الرسول ستعتل نفسك ان لم يؤمن قومُك برسالتك، هوِّنْ عليك فإن الله سينصرك. ومثله قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث أَسَفاً} [الكهف: 6].
{إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السمآء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ}
ان في قدرتنا أن نأتيَهم بمعجزة تُلجئهم إلى الإيمان وتجبرهم عليه، فيخضعون. ويتم ما نرجوه.
{وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرحمن مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ}
وما يجدد الله لقومك من موعظةٍ وتذكيرٍ إلا جدّدوا إعراضا وتكذيبا واستهزاء.
{فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}
لقد كذّبوا بما جئتهم به من الحق فاصبر عليهم، فسيَرَوْن عاقبةَ استهزائهم، وسيحلّ بهم عاجلُ العذاب وآجله في الدنيا والآخرة.
وبعد أن بيّن إعراضهم عن الآيات المنزلة من عند ربهم- ذكر أنهم أعرضوا عما يشاهدونه من آياتٍ باهرة فقال: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الأرض كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ}؟
كيف اجترأوا على مخالفة الرسول وتكذيب كتابة!! أوَلَم ينظروا ويتأملوا في عجائب قدرته تعالى وخلقِه هذه الأصنافَ التي تسترعي الأنظار، وتبهر الناظرين!.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ}
ان في هذا وأمثاله لمعجزةً عظيمة وعبرةً جليلة ودليلاً على وجود الخالق القدير، ولكنّهم لم يُعمِلوا عقولَهم في النظر في هذا الكون البديع، فما آمنَ أكثرهم، وظلّوا جاحدين.
ثم بشّر الله رسولَه بالنصر والتأييد وغلبتِه لأعدائه وإظهاره عليهم فقال: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم}
ان ربك أيها الرسول لقويٌّ قادر على كل ما يريد، وهو ذو الرحمة الواسعة، فلا يعجِّلُ بعقاب من عصاه، وهو المتفضّل بالرحمة على المؤمنين.


مرت حلقاتٌ من قصة موسى في سورة البقرة، وسورة المائدة، وسورة الأعراف، وسورة يونس، وسورة الإسراء، وسورة الكهف، وسورة طه، عدا اشارات اليها في سورة أخرى. وفي كل سورة تأتي القصة مناسبةً لها، وهنا تبدأ القصة من الآية العاشرة إلى الآية 68.
اذكر يا محمد لقومك اذ نادى اللهُ موسى وأمَرَه ان يذهب إلى قوم فرعونَ الظالمين ليدعوهم إلى دين الله، فقال موسى إني أخاف أن يكذّبوا برسالتي، ولا ينطلق لساني لما فيه من الثقَل، فأرسلْ معي أخي هارون رسولاً يعنني. ولهم عليَّ ذنبٌ حين قتلتُ منهم رجلاً فأخاف ان يقتلوني به. فقال له الله: لن يقتلوك، فاذهبْ أنت وأخوك هارون بآياتي وأنا معكم أستمعُ لما تقولون وأرى ما يجري بينكم. اذهبا وقولا لفرعون إننا رسولا ربِّ العالمين، أرسلَنا اليك لترسلَ معنا بني اسرائيل وتدَعَهم أحرار يعبدون الله.
فلما ذهبا إلى فرعون وقالا له ما أمرهما الله به، قال فرعون لموسى: يا موسى، ألم نُربِّك في قصرِنا وأنت وليد صغير، ومكثت في رعايتنا سنين من عمرك حتى كبِرتَ وأصحبتَ شابا، وجنيتَ جنايتك فقتلتَ رجلاً دون ذنبَ!! وأنت الآن تكفر بدِيني، وتنكر نعمتي! فقال موسى: لقد ارتكتبُ جريمتي وأنا ضالّ لا أعرف حدود الله، وفررت منكم لَمّا خفت أن تقتلوني، فوهب الله لي حُكماً وعلماً وجعلني من المرسلين. انك يا فرعون تمنّ عليّ بتربيتك لي، والواقع أن جميع ما أنعمتَ به علي لا يعادل ما ارتكبتَه أنت مع بني اسرائيل من استعبادٍ وقتل وإذلال.
قراءات:
قرأ يعقوب: {ويضيق صدري ولا ينطلق لساني} بنصب {يضيق} و{ينطلق}، والباقون بالرفع.


ثعبان مبين: ظاهر بلا تمويه. الملأ: أشراف القوم. فماذا تأمرون: بماذا تشيرون. أرْجه وأخاه: أخّره وأخاه ولا تقتلهما. حاشرِين: اجعل رجال الشرطة يحشرون السحرة من جميع البلاد.
قال فرعون يسأل موسى في تجاهل وهزء: أيّ شيء يكون ربُّ العالمين الذي تدعو اليه؟ فأجابه موسى بالصفة المستملة على الربوبية: إنه ربُّ السماوات والأرض ورب هذا الكون الهائل، {إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ}. فالتفتَ فرعون إلى مَن حوله ليصرفَهم عن التأثر بقول موسى وقال لهم: ألا تستمعون إلى ما يقوله موسى، إنه يدعوكم إلى عبادة إلهٍ لا عهدَ لنا به، ولا قاله احد نعرفه.
فقال موصى: هو ربكم وربّ آبائكم الاولين: فلما لم يستطع فرعون ان يردّ على ما جاء به موسى {قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الذي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ}. ولكن موسى لم يسكت ومضى يصدَعُ بكلمة الحق التي تزلزل الطغاة فقال: {قَالَ رَبُّ المشرق والمغرب وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ}. اني ادعوكم إلى عبادة إلهِ هذا الكون العظيم ان كان لكم عقول تفكر وتتدبر في الأمور.
فقاطعه فرعون قائلا: إنِ اتخذتَ إلها غيري أسجنُك وتكونُ من المعذبين. فقال موسى: أتفعل ذلك ولو جئتك ببرهانٍ عظيم يدلّ على صدقي فيما اقول؟
فقال فرعون: فأتِ بالذي يشهد بنبَّوتك إن كنت صادقاً في دعواك.
وهنا كشف موسى عن معجزتيه: ألقى عصاه فإذا هي ثعبانٌ ظاهر حي يخيف، وأخرج يده من جيبه فاذا هي بيضاء مع أن موسى أسمر البشرَة. عندئذٍ أحسّ فرعون بضخامة المعجزة فأسرع يقاومها، واخذ يتملّق الذي حوله ويخوّفهم من موسى، فقال لمن حوله: إن هذا ساحرٌ كبير، يريد ان يستميل إليه قلوبكم لتؤمنوا به، فيكثر بذلك أتباعه ويأخذَ البلاد منكم، فأشيروا عليَّ ماذا اصنع به؟ فأجابوه بقولهم: أخِّرْه مع أخيه، واضربْ لهما موعِدا، واجمع له كل سحرة دولتك، لينازلوه في يوم معيّن، تجمع فيه الناس ليشاهدوا هذه المبارة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5